10 كانون2 2003
المراوحة بين الحزب والجماعة..كيف يرى الإخوان أنفسهم؟ : حوار مع المهندس ابو العلا ماضي
باحث مصري في شئون الحركات الإسلامية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
هذا الحوار يكشف تفاصيل إحدى الأزمات المعضلة في جماعة الإخوان المسلمين مثلما يكشف- في الوقت نفسه – أزمة لا تقل استفحالا لدى الخارجين عنها! فليست جماعة الإخوان التي وحدها التي تعاني من مشكلة بنيوية تتعلق برؤيتها عن نفسها والإطار الذي يمكن أن ينتظمها بعد نصف قرن مرت بعد حلها عاشتها دون أن تحسم مشكلة الإطار أو الهيئة التي يجب أن تتأطر فيها، هناك مشكلة على الدرجة نفسها من الاستفحال يعيشها الخارجون عن الإخوان وفي مقدمتهم أبو العلا ماضي ومجموعة حزب الوسط ..وهذا الحوار اقتراب من المعضلة لدى الطرفين. وهذا نص الحوار الذي أجريته مع أبو العلا ماضي في ذكرى مرور ست سنوات على مشروع حزب الوسط.
"حين توجهت لمقابلة المهندس أبو العلا ماضي لإجراء حديث صحفي في مناسبة مرور ست سنوات على إعلان مشروع حزب الوسط الذي كان أول مشروع لحزب سياسي إسلامي في مصر ، كنت أنتظر الكثير ووجدته . . فعلى مدار الساعة الكاملة تحدث أبو العلا ماضي بصراحة لا أنتظرها أبدا من سياسي معارض في مصر ( أو حتى غير معارض ) تعود على أن يسير على حقول من الأشواك وربما الألغام أيضا ، حتى أنه لم يطلب في حديثنا الطويل إغلاق جهاز التسجيل كما هي العادة حين يحتدم الأمر إلا مرتين فقط قال فيهما كلاما ليس للنشر ولكنه لم يبعد كثيرا عما ننشره في هذا الحوار الذي تطرق فيه أبو العلا ماضي لكل الملفات الشائكة أو الألغام القابلة للانفجار في وجه الجميع أنصاره قبل خصومه !
فقد قيم تجربة الوسط في عامها السادس وما انتهت إلية وقدم شهادة جيله على الأزمة السياسية في مصر وعند الإسلاميين بصفة خاصة وتحدث عن مستقبل الوسط وعلاقاته مع القوى السياسية الأخرى وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين التي خرج منها في أكبر تجربة انشقاق شهدتها الجماعة في العقود الثلاثة الأخيرة وتطرق إلى دور مرشدها (مأمون الهضيبي) في الأزمة وإلى العلاقات السرية بين الوسط وقيادات تاريخية لها ثقلها في الجماعة وعن احتمالات المصالحة مرة أخرى . . وإليكم نص الحوار
يمر هذه الأيام ست سنوات كاملة على مشروع الوسط ورغم ذلك يلح التساؤل الذي يبدو الآن من الأسئلة البديهية ! من أبو العلا ماضي ؟ وماذا يريد ؟
عفوا . . . أفضل أن نتحدث عن مجموعة الوسط وليس عن شخصي فنحن نشأنا كمجموعة داخل الحركة الإسلامية وجزء كبير منها بدأ مع الحركة قبل التحاقه بالإخوان الذين كانوا مرحلة تطور فقط في تاريخنا وليس نقطة بداية . . وكجزء من تطورنا الفكري داخل الإخوان أدركنا الكم الكبير من المشاكل التي يعانيها التنظيم فيما يتعلق بأفكار الجماعة ووضعها القانوني وطريقتها في الحركة . . . في البداية حاولنا الإصلاح من الداخل لكن وفاة المرشد الثالث عمر التلمساني قضت تماما على أي آمال في الإصلاح الداخلي فقد كان الرجل متفتحا ومستنيرا واسع الأفق وكان يقود محاولات تطوير الجماعة وتحديثها ويقف وراءنا كأجيال جديدة تريد التجديد ولكن بوفاته أغلق الباب الوحيد .
وكان من ضمن الأسئلة الملحة التي حاولنا الإجابة عليها : ما هو توصيف أو شكل الجماعة التي تنتمي إليها ؟ هل هي جماعة دينية دعوية إصلاحية ؟ أم تكتل سياسي تنافسي ؟ وأثارت أفكار راشد الغنوشي واجتهادا ته فينا نقاشات كثيرة حول إذا ما كانت شمولية الإسلام تعني بالضرورة شمولية الجماعة وكل الجماعات الإسلامية كما أدركنا أن الجماعة تأخرت كثيرا في تنظيم وضعها القانوني والإداري منذ حلها عام 1954 على الرغم من أن البلاد تغير فيها الدستور مرتين (1956 ، 1971) وهي تغيرات كان لابد أن تنعكس على الجماعة فتتحول إلى حزب سياسي أو جمعية اجتماعية ولاحظنا أن التطورات التي عاشتها كانت تزيد من مساحة العمل السياسي فيها بعد أن مارست عملا سياسيا موسعا في الثمانينيات (دخول البرلمان ، المحليات ، النقابات المهنية ، نوادي هيئات التدريس ، الاتحادات الطلابية . . الخ )
كان من المفترض أن ينتهي بها كحزب سياسي هو الإطار الأقرب إلى وضعها الجديد وكان تكييف الوضع القانوني للجماعة قد صار ملحا بعد أن بدأت الدولة تتجاوز السكوت الضمني على الجماعة وتتحدث عن غياب شرعيتها القانونية فكانت فكرة الحزب التي حاولنا بها تكييف وضع الجماعة قانونيا وكذلك كسر حالة الاستقطاب بينها وبين الدولة وإلغاء المعادلة الصفرية التي تحكم العلاقة بينهما فتقدمنا بمشروع حزب (الوسط) على النحو الذي يعرفه الجميع .
* لكن ما تتحدث عنه ليس جديدا فقد حاولت الجماعة أكثر من مرة الحصول على ترخيص بحزب سياسي أثناء وجود عمر التلمساني (مثل حزب الشورى) وبعد وفاته مثل حزب (الإصلاح) لحل مشكلة الوضع القانوني كما أن هناك قضية مرفوعة من القيادات التاريخية أمام القضاء الإداري لإلغاء قرار مجلس قيادة الثورة بحل الجماعة أي أن فكرة التكييف القانوني لوضع الجماعة لم تولد مع الوسط
- هناك فكرة خطأ شاعت بين الإخوان وغيرهم أن الحكومة وحدها هي العقبة الوحيدة التي تحول دون تأسيس حزب للإخوان فهناك عقبة أشد هي القيادات المتنفذة داخل الجماعة والتي تعارض الفكرة رغم إعلانها المتكرر عن رغبة الجماعة في حزب سياسي فمصلحة هذه القيادات هي في استمرار هذا الوضع غير القانوني للجماعة والذي يرفع عنها تبعات ومسئوليات القانونية مثل الشفافية والتقيد بنصوص القانون والمراجعة واللوائح ومراقبة الحسابات ويجعلها تحت رقابة القضاء وكل الأجهزة الرقابية وكذلك الرأي العام وكل ذلك يسبب لهذه القيادات مشاكل كثيرة هي في حل منها الآن ويقيد حركتها . . أما مسألة القضية المرفوعة في مجلس الدولة لإعادة الجماعة فهي ليست إلا وهما كبيرا وتحايلا على الرأي العام والإخوان أنفسهم لأن الدستور والقوانين المعمول بها في مصر لا يسمح الآن بوجود جماعة شاملة كما كان الوضع قبل الثورة وأي تسوية قانونية لأوضاع الجماعة ستنتهي بها إما إلى حزب سياسي أو جمعية اجتماعية وقد اخترنا نحن وضع الحزب السياسي لأنه الإطار الأقرب كما قلت لطبيعة تطور الجماعة ونشاطها في العقدين الأخريين
* ما قلته يصلح كعرض تاريخي لنشاط الوسط لا بأس به لكن أنا أستفسر عن المشروع الذي تقدمونه أخشى أنكم تكررون الإخوان ولكن خارج التنظيم فهل يمكن أن تقدم لنا تعريفا بالوسط غير أنه خارج عن جماعة الإخوان ؟!
حزب الوسط طرح لأول مرة في مصر مشروع تفصيلي مستمد من رؤية الإسلام الحضاري كما صاغها أهم المفكرين الإسلاميين المعاصرين من أمثال طارق البشرى وسليم العوا ومحمد عمارة وعبد الوهاب المسيري وفهمي هويدي . . . وغيرهم من الآباء الروحيين للوسط ولم تتوقف طوال السنوات الست الماضية عن حد الطرح الفكري النظري فقط بل ترجمنا ذلك على مستوى مواقفنا السياسية داخليا وخارجيا فانفتحنا على كل التيارات والأفكار وتجاوزنا عدد من المآزق التاريخية التي لم تستطيع الجماعة التعامل معها مثل المرأة والأقباط ونجحنا لأول مرة في تاريخ الحركة الإسلامية في صياغة مشروع لحزب سياسي إسلامي مدني وليس دينيا أي ذي مرجعية إسلامية لكن يرتكز على قاعدة (المواطنة) التي لا تفرق بين مسلم ومسيحي وتجاوزنا قضية عقد الذمة بينما كان الإخوان طوال تاريخهم جماعة دينية فقط تقتصر عضويتها على المسلمين وبمواصفات خاصة لهم.
* لكن الإخوان يقولون غير ذلك فقضية الأقباط محسومة تاريخيا في رأيهم ويؤكد على ذلك أن مؤسس الجماعة حسن البنا اختار أعضاء من الأقباط في اللجنة السياسية للجماعة !
هذا غير صحيح وما قيل عن وهيب باشا روس وفانوس أخنوخ القبطيين غير دقيق فهما لم يكونا أبدا أعضاء في الجماعة أو في أي لجنه من لجانها بل كان البنا يستعين بهم كمستشارين في بعض القضايا السياسية . . نحن أصحاب أول مشروع سياسي إسلامي في مصر يقوم على مبدأ المواطنة.
*ألم يكن من الممكن طرح هذا المشروع داخل الجماعة نفسها بما يمثل تطويرا في رؤيتها السياسية دون الانفصال عنها بما يؤدي إلى تطوير وتحديث أفكار أكبر تجمع إسلامي في مصر والعالم الإسلامي؟
كان ذلك ممكنا لكن الجزء الأكبر والمتنفذ في قيادة الجماعة كانوا غير قابلين لأي تطور أو تغيير وغير راغبين فيه أيضا فسيطرتهم على الجماعة لا تتم إلا في صورتها الحالية فالقضية ليست خلافا مع قيادة الوسط بل هو موقف ثابت لقيادة الجماعة من الفكرة نفسها والدليل على ذلك أن مجموعة أخرى من شباب الإخوان وقيادات الجيل الثاني في الجماعة ذهبوا للهضيبي حين كان الرجل الثاني للجماعة فعلل موقفه العنيف من مجموعة الوسط بأنهم تصرفوا بمزاجهم ودون العودة لقيادة الجماعة فعرضوا عليه مشروع آخر لتأسيس حزب تحت سمع وبصر وبموافقة قيادة الجماعة وبكل شروطهم ووفق البرنامج الذي يرونه لكنه (الهضيبي) رفض أيضا وأفشل لهم الفكرة كلها . . . عداء قيادة الإخوان ليس لمجموعة الوسط وإنما للفكرة نفسها فهي محظورة وسيتم تصفية كل من يتبناها أو يدعو إليها في الجماعة.
لكن لماذا لم تتعامل قيادة الجماعة بنفس العنف والحسم مع المهندس / محمد السمان صاحب مشروع حزب الأمل على الرغم من تشابه الظروف والأشخاص ؟ ولم تحدث نفس الأزمة على الرغم من استقالته أيضا ؟
أمتنع عن الإجابة ! ! !
* هل دار بذهنك حين أخذت قرار الانفصال عن الجماعة إصرار على فكرة الحزب السياسي أنك لن تحصل على ترخيص الحزب حتى بعد ست سنوات من العمل الشاق ؟ !
- دائما ما أسمع قيادات الجماعة تتندر علينا وتتهكم بأن الحكومة لن توافق على الترخيص لنا بحزب سياسي وأنا أتصور أن الأمر ليس بهذه البساطة فلن تتقدم بطلب لتأسيس حزب فتوافق عليه الحكومة مباشرة بل هي في رأيي معركة طويلة وتستحق أن نخوضها لآخرها نحن نرى أنه لابد وسنحصل على رخصة بحزب وهو ما لن يحدث ببساطة أو بالقوة بل بمعارك وحوارات ووفق حسابات قانونية وسياسية وهي جزء من معركة الوطن كله فنحن ليس وحدنا الممنوعين من الحزب السياسي هناك قائمة طويلة تضم مشروعات لأحزاب تمثل قوى سياسية أخرى منها حزب الكرامة الذي تقدم به مجموعة من الشباب الناصري مثلا وما ينساه الإخوان أنه لا يوجد حل لأزمتهم إلا بإصلاح سياسي شامل في الوطن وليس حلا خاصا بهم فقط .
* استقلت من الجماعة ولم تحصل على حزب هل تشعر بأنك خسرت الإخوان ولم تربح الحكومة ؟ وهل تفكر الآن في ضوء إصرار النظام على رفض الترخيص لكم بحزب أن رأي قيادة الإخوان كان الصواب ؟
إطلاقا . . بل كل يوم تتأكد لي صحة قناعتنا وأن موقف قيادة الجماعة المتنفذين كان خطأ . . والمشكلة كما أسلفت ليس في أن النظام لا يسمح وإنما في أن هذه القيادات ليس لها رغبة حقيقية في توفيق الوضع غير القانوني للجماعة ولا تبذل جهدا للخروج من مأزق اللا قانونية . أما الترخيص لنا بحزب فهي قضية نضال سياسي طويل أشعر أننا قطعنا شوطا طويلا فيه وأنجزنا الجزء الأكبر منه.
هل ترى أن الجناح المتشدد في السلطة والرافض لأي تفاهم مع الإسلاميين قد تحالف ولو بشكل غير مباشر مع نظيره في قيادة الجماعة ضد مشروع الوسط والذي كان ضحية التشدد من الطرفين ؟
طبعا . لا أتصور أن هناك تواصلا مباشرا بين السلطة والجماعة أو تنسيقا في هذا الشأن لكن فعلا حدث تحالف غير واعٍ بينهما اجتمعا فيه على ضرب مشروع الوسط بالصورة التي تذكرها وهذا المعنى ذكرته مجلة قضايا دولية التي كانت الجماعة تصدرها في باكستان أثناء الأزمة حيث رسمت كاريكاتير يجسد الوسط وهو يطحن بين شقي الرحى السلطة وقيادة الجماعة وقد عوقبت إدارة المجلة وقتها من قيادات الجماعة بسبب هذا الكاريكاتير لكنني من ناحية أخرى أرى الآن أن رفض النظام لحزب الوسط قد قواه وأعطاه روحا إضافية !
كيف ؟
لدينا مشكلة في الحركة الإسلامية وأي حركة عقائدية أخرى حتى ولو كانت غير دينية كالماركسية مثلا فحين يحدث اختلاف داخلها يشهر سيف التخوين ويكثر الاتهام بالعمالة وربما لو قبل بنا النظام وقت ظهورها لاتهمنا بالخيانة والعمالة لأجهزة الأمن لكن الذي حدث أننا حوكمنا عسكريا ورفض طلب تأسيس الحزب في أيام معدودة.
* كنت واحدا من أبرز قيادات الإخوان اخترت كأصغر عضو منتخب في مجلس شورى الجماعة وكنت الأمين العام المساعد لنقابة المهندسين والمسئول عن ملف واحدة من أكبر النقابات المهنية في مصر وكنت أحد أقطاب العمل السياسي الإسلامي في مصر ثم أنت الآن تدير إحدى الجمعيات الثقافية المغمورة (مصر للثقافة والحوار) ويقتصر نشاطك على أعضاء النخبة المثقفة منقطعة الصلة عن الشارع . . . هل يصدق عليك ما تردده قيادات جماعة الإخوان من أن الجماعة هي التي صنعتك وأنك لابد وأن تنتهي من دونها ؟!
غير صحيح بالمرة . . . أنا أتشرف بأنني كنت عضوا بالحركة الإسلامية قبل أن أعرف الإخوان وأنني وصلت حين كنت طالبا لأعلى منصب يطمح إليه طالب (رئيس اتحاد طلاب جامعة المنيا ونائب رئيس اتحاد طلاب مصر) دون أي مساعدة من الإخوان وجميع قيادات الإخوان الكبيرة هي التي سعت إلينا ولم نسع إليها وأخرهم المرشد الراحل مصطفي مشهور نفسه الذي طالما زارني في بيتي وتناولنا معا الطعام والشراب من أجل إقناعي بدخول الجماعة ولم ندخل الجماعة وهذه معلومة أذكرها لأول مرة إلا من أجل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح .والقول بأن الجماعة هي التي صنعتنا غير صحيح بل العكس هو الذي حدث فقادة الإخوان القدامى هم الذين استغلوا أسماءنا أنا وآخرين في الصعيد وفي كل مصر لإقناع طلاب الجامعات المصرية وبقية أبناء الشعب بدخول الجماعة نحن الذين أقنعنا الناس بالذات في محافظتي (المنيا) وفي صعيد مصر بالانضمام للإخوان ودخلنا معارك شرسة مع مجموعات الجهاد في الصعيد لهذا السبب . . نعم ربما تعلمنا من الجماعة ولكننا أفدناها أيضا وأنا لا أتحدث عن شخصي فقط بل عن كل أبناء جيلي فكل المراقبين يعلمون فضل جيلنا على جماعة الإخوان نفسها وأنه لولا جهود جيلنا لماتت الجماعة وذلك بشهادة قيادات إخوانية وقد كانت شبه ميتة بالفعل قبل دخولنا .
ما لا يعرفه الكثيرون أننا تعرضنا لصدمة كبيرة حين دخلنا الجماعة فوجدناها فارغة من الداخل وقد كان قادتها في مفاوضتهم معنا كقيادات للجماعات الإسلامية في الجامعات قد أوهمونا بأنها أكبر جماعة وأن عمرها تجاوز نصف القرن وأن الأفضل الانضمام إليهم لكننا حين دخلنا لم نجد شيئا من ذلك أنا أتحدث مثلا عن محافظة المنيا التي لم يكن بها عضو واحد من جماعة الإخوان حين انضممنا إليها كقيادات للجماعة وتهرب منا من كانوا من الإخوان قديما بل وأعلنوا تبرئهم من كل علاقة لهم بالإخوان . . الكيان الضخم الذي حدثونا عنه كان فارغا تماما من داخله وجيلنا هو الذي أحياه وضخ فيه الدماء من جديد . نعم أنا توليت في الجماعة مواقع تنظيمية خطيرة وأكبر بكثير من سني ومما ذكرت ولكن ما كان أسهل الحفاظ عليها والتمسك بها ؟! أنا خلافي مع قيادة الجماعة كان مبدئيا والمعارك التي خضناها مع القيادات القديمة كانت مبدئية واستمرت عشر سنوات كاملة قبل الانفصال (1986 - 1996) وما كان أسهل أن نتوقف عن معارك الإصلاح ونعيش في هدوء وراحة ونتمتع بالمناصب الكبيرة والخطيرة التي يتحدثون عنها كما فعل آخرون!
أنا أتحدث عنك وعن الوسط كرقم في المعادلة السياسية ألا ترى أنك تراجعت كثيرا ؟
- هذه مشكلة كثير من قيادات الإخوان من الذين يتعاملون مع الأفكار بالأعداد فيقيمون الفكرة بمقدار ما تجنده من أعضاء وكثيرا ما يكون الحساب خطأ لأنك قد تجند أصفارا لا قيمة لها كما أن الأرقام قد لا تساوي كثيرا إذا ما قورنت بالرقم الكلي للشعب لأنهم مهما جندوا سيكون قليلا ولن يجندوا البلد كلها المهم في رأيي هو التأثير .فهناك شخص واحد مثل عمرو خالد مثلا أثر في أعداد كثيرة من الناس بما يفوق تأثير جماعة الإخوان بأكملها وأنا أتحدث عن عمرو خالد وليس الشيخ القرضاوي مثلا وقبله الشيخ الشعراوي والشيخ الغزالي . . .
وفي رأيي أن قصة البناء التنظيمي الهرمي وأسلوب الحشد والتجنيد تجاوزه الواقع وصار غير مجدٍ إلا في رؤوس بعض القيادات الإخوانية التي لا ترى في الدنيا إلا التنظيم ولا تعرف حياة أخرى خارجه !
* لكن ألا تشعر أنك الآن أكثر انتماء لنادي النخبة حتى ولو كنت دخلته من البوابة الإسلامية، منها إلى الشارع والجماهير العريقة التي كنت تنتمي إليها من قبل ؟
- أنا لا أحب النخب وطول عمري بين الناس ودخلت السجون والمعتقلات ونمت على البلاط ومازلت مقتنعا بذلك وعلاقتي بالجماهير والشارع سابقة على علاقتي بالجماعة ومستمرة بعدها أنا لم أترك مصنعا واحدا في جنوب مصر إلا دخلته والتقيت بعماله من الجيزة لأسوان وفي كل انتخابات نقابة المهندسين كان اسمي يوضع على رأس القائمة الإسلامية التي تضم نحو مائة مرشح للترويج لها والتعريف بها بين الجماهير . . وأنا حريص على استمرار التواصل مع الناس مباشرة ولا أرضى بهم بديلا حتى ولو كان الالتحاق بنادي النخبة الذي تتحدث عنه ولكن دعني أسألك أيضا من قيادات الإخوان ينزل إلى الشارع ويقيم علاقة مباشرة مع الجماهير الآن ؟ معظم هذه القيادات غير معروفة إلا في تكتلاتها وتجمعاتها الخاصة .
وحضورك السياسي والإعلامي . . . ألم يتأثر ؟ !
بل العكس هو الذي حدث . . وجودي الآن أقوى سياسيا وإعلاميا عما كنت عليه في الإخوان داخليا وخارجيا وجدول مشاركتي السياسية والثقافية والفكرية داخل مصر وعلى المستوى العربي والدولي أضعاف ما كنت علية أيام الإخوان .
لديكم مساحة معقولة للحركة من خلال جمعية مصر للثقافة والحوار هل ترى أن نشاطكم يفي بما كنتم تعدون به أبناء الحركة الإسلامية عندما انفصلت عن الجماعة ؟
- نحن لم نعد أحدا بشيء .
لكن أنت انفصلت بحثا عن مساحة أوسع وحرية أفضل في العمل السياسي لا يتمتع بها الإسلاميون تحت مظلة الجماعة . هل تحقق ذلك؟
- أنا أقصد أننا لم نقدم وعودا محددة لأحد لأننا لم نكن نملك شيئا لنعد به وإنما نحن كنا أصحاب محاولة فقط وأعتقد أننا أنجزنا شيئا لا يستهان به في ظل مشكله ضخمة في العمل العام والترخيص له في مصر وحصولنا على رخصة بجمعية ثقافية خطوة للأمام ولكن غير كافية كما لا تعد بديلا عن الحزب السياسي الذي لن نتخلى عنه ونحن الآن نستعد للتقدم بمحاولة ثالثة أمام لجنة شئون الأحزاب للترخيص بحزب بعد رفض محاولتي (الوسط) و(الوسط المصري) ومن بدءوا معنا التجربة مازالوا مصرين عليها وازدادوا قناعة وعددا وجميع ألوان الطيف السياسي في مصر صارت تنظر إلينا كمشروع سياسي حقيقي للمستقبل وليس لهذه الظروف الاستثنائية وسنفاجئ الجميع بأسماء في التجربة القادمة لم يكن ليتوقعها أحد والجمعية الآن تعطينا فرصة للتواجد في مساحات ثقافية وإعلامية لم تكن متاحة من قبل.
أنتقل لعلاقتكم بالنظام وبدون حساسيات هل صحيح أن هناك علاقة وتنسيقا بينكم وبين السلطة في إجراءات الحزب ونشاطه ؟ وبما تفسر مثلا الإفراج عنك في المحاكمة العسكرية عام 1996 دون بقية زملائك الذين التزموا خط الجماعة وسياستها وتراجعوا عن فكرة الحزب ؟
هذه معلومات خطأ وتروج للنيل مني ففي القضية العسكرية كنا 13 متهما منهم ثلاثة فقط من مؤسسي الوسط (أبو العلا ماضي وعصام حشيش ومجدي فاروق) أطلق على القضية اسم الوسط بعد أن أخذت ضجة إعلامية داخليا وخارجيا بسبب وجود اتهام لنا بالسعي لتأسيس حزب وأثناء نظر القضية بدا واضحا أن موقف قيادة الإخوان من الحزب أسوأ من موقف النظام نفسه حتى أن مأمون الهضيبي لم يكن ليتوقف عن سبنا في وسائل الإعلام و أجبر كل الأعضاء المؤسسين من الجماعة على التنازل عن الحزب بغرض ذبحنا تماما ونحن ما زلنا في السجن وقد اضطر النظام للتراجع تحت ضغط الفضيحة السياسية التي فجرها محاكمتنا عسكريا بتهمة تأسيس حزب وأسقط الاتهامات الخاصة بمسألة الحزب وأفرج عن الثلاثة المؤسسين للحزب ولكن ليس وحدهم بل أفرج كذلك عن ثلاثة آخرين من قيادات الجماعة منهم عضو مكتب الإرشاد (محمد رشاد البيومي) أي إنني لم يفرج عني وحدي كما أن اثنين من مؤسسي الوسط تنازلوا عن فكرة الحزب وعادوا للجماعة فهل يقال بعدها إن الإفراج تم بالتنسيق بيننا وبين السلطة ؟! ثم بعد ذلك رفضنا النظام في لجنة شئون الأحزاب رغم وقوف الإخوان ضد الحزب وحشدهم لتنازلات قانونية من كل الأعضاء المؤسسين من الجماعة بعد تخييرهم بين الحزب والجماعة ! فهل تستحق هذه التهمة أن أرد عليها ؟ !
* لكن الم يسمح لكم النظام بمساحة كبيرة للحركة بغرض ضرب جماعة الإخوان واستخدامكم كورقة لإحداث انقسامات داخلها ؟
لا أعرف معنى كلمة (سمح لنا) أنا افهم أن الحقوق تنتزع ولا توهب وأسلوبنا هو الذي أعطانا كل مساحة تحركنا فيها ولا أعرف إلى متى ستظل الجماعة أسيرة لهذه المعادلة الصفرية إما أن نكون مع النظام أو ضده ؟ أنا مكثت عامين بعد خروجي من المحاكمات العسكرية ممنوعا من السفر خارج البلاد فأين علاقتي بالسلطة وتنسيقي معها ؟ هذه افتراءات لأشخاص لا هم لهم سوى إدانتي فإذا نجحنا قالوا عملاء وإذا فشلنا أعلنوا شماتتهم بنا !
وإذا سألتك عن رأيك كمراقب ألا ترى أن النظام لعب جيدا بورقة الوسط في صراعه مع الإخوان واستفاد منها ؟
لا . . . لأن مشاكل الجماعة سابقة على موضوع الوسط الذي صار شماعة يعلق عليها البعض أسباب فشله .
لكن ألا ترى أن النظام والقوى السياسية الأخرى (باعتك) للإخوان حين رفضت التجاوب مع مشروعك الإصلاحي الذي من المفترض أنه يجيب على تساؤلاتهم حول الحركة الإسلامية ويتجاوز الأخطاء التي كانوا يأخذونها على الإخوان ؟
هذا رأي كثير من المراقبين ولكنني لا أستطيع أن أقوله لأنني أسعى إلى حل ومثل هذه المقولات تغلق أبواب الحلول وتنهي ملف الوسط نهائيا واعتمادي هذا الرأي يضر بالقضية أنا أتعامل مع واقع سياسي معقد وميراث من الشكوك وحالة من التربص عمرها نصف قرن وما يهمني الآن هو التقارب مع كل الأطراف للوصول إلى حل لأزمة الوطن كله .
هل نصحتم بالجمعية الثقافية كبديل عن الحزب السياسي ؟
لم ينصحنا أحد بشيء نحن أصحاب كل المبادرات التي قدمناها ما نجح منها وما فشل توقف مشروع الوسط ثم الوسط المصري وتوقف مشروع صحيفة المستقبل التي تقدمنا بطلب لتأسيسها أمام مجلس الوزراء منذ 1997 ونجحت مبادرة جمعية مصر للثقافة والحوار ولن تتوقف المبادرات .
* كيف ترى مستقبل علاقتكم بجماعة الإخوان في المرحلة القادمة خاصة بعد التغيرات التي تولى فيها المستشار الهضيبي منصب المرشد العام ؟
- علاقتنا بالجماعة انتهت عمليا وصرنا مشروعا مغايرا ومفارقا لها ونحتفظ معها كقوة سياسية كبرى بالحد الأدنى من العلاقات التي تربطنا بغيرها ، أما فيما يخص تولي الهضيبي منصب المرشد فهو لن يغير الأمور ، لأنه هو الذي قاد لواء الحرب ضد الوسط ومن ثم فلن تتطور العلاقات إلى الأحسن بالطبع هذا في أحسن الأحوال !
* لكن البعض يتوقع تغييرات في القيادة قد يتمكن فيها تيار التجديد من أبناء جيلك من تولي دفة القيادة وإحداث انفتاح . . هل يمكن أن تعيد النظر في العلاقة مع الجماعة وقتها ؟
- سبق أن قلت إننا صرنا كيانين منفصلين تماما ولا إمكانية لمراجعة ذلك وربما تتغير صيغة العلاقة إذا حدث ما تقوله ولكن في إطار استقلال تام عن الجماعة .
* وإذا تقدمت الجماعة بحزب سياسي هي الأخرى ؟
- وما المانع نحن نؤمن بالتعددية وإمكانية وجود أكثر من حزب سياسي إسلامي .
* وما صحة ما تردد عن محاولات للصلح بينكم وبين قيادة الجماعة من أجل إعادة لم الشمل؟
لا. . لم تحدث محاولات بالمفهوم الذي يوحي به سؤالك وإنما هي محاولات من بعض الأخوة بين الحين والآخر لفتح موضوع لم الشمل مرة ثانية بدافع الحنين إلى الماضي الجميل ولكن هذا غير وارد بالمرة . . وغير ممكن أيضا .
* هناك معلومات أن المرشد الراحل مصطفي مشهور سعى قبيل وفاته للالتقاء بكم في هذا الصدد ؟
- لم يحدث .
* في رأيك لماذا صار اسمك لا يطرح في أوساط الحركة الإسلامية إلا عنوانا لمشروع هدفه هدم جماعة الإخوان ؟
- هذه إحدى صور محاولات الهروب من الحقيقة وتعليق الفشل على شماعة الآخرين أنا مشغول فعلا بمشروع ولكن هدفه البناء لا الهدم .
ألم يكن غريبا أن تتحول من كونك أحد أذرع الجماعة القوية التي تطبق سياستها وتنفذ برامجها بيد من حديد وتدافع عنها ضد منتقديها ، لتصبح في أول خصومه لك مع قيادتها خارجا عنها والصوت الأعلى في نقدها وكشف أخطائها التي كنت من قبل أحد الساكتين عليها (في أحسن الأحوال) وتقدم نفسك كداعية تجديد وإصلاح ؟ أين كنت من قبل وهل ظهر أبو العلا الإصلاحي فقط بعد أزمة الوسط ؟
- إذا كان هناك ما يسمى بالتيار الإصلاحي في الإخوان قبل الوسط فنحن كنا جزء فاعلا فيه لمدة امتدت عشر سنوات قبل إعلان الحزب وربما يأتي الظرف المناسب لإعلان ما حدث في هذه الفترة من صراع مرير مع قوى التسلط والاستبداد داخل الجماعة ، وربما لم تكن طبيعة التنظيم السرية تسمح بإعلان هذا الصراع ومواقفنا فيه خاصة وأنني كنت في موقع متقدم من قيادة الجماعة التي كانت أهم قواعدها عدم إعلان الخلافات الداخلية والحرص على التكتم عليها حتى لو اضطرت قيادات كبيرة في الجماعة إلى الكذب على الرأي العام وأعتقد أن أكبر ما تأخذه هذه القيادات على تجربة الوسط أنها أخرجت هذه الصراعات إلى النور وأشركت فيها الرأي العام وكشفت عن عجز هذه القيادات عن التعامل مع هذا الخلاف علنيا فارتكبت أخطاء تاريخية مثلما فعل مأمون الهضيبي مثلا والذي لم يتوقف عن التصريح للرأي العام بأن الجماعة لم تمارس ضغوطا على أعضائها المؤسسين في حزب الوسط في الوقت الذي كانوا يصرخون فيه من أنه هو شخصيا الذي أجبرهم على الانسحاب من الحزب ، أما الآن وبعد انفصالي عن التنظيم فقد صار من حقي إعلان مواقفي بصراحة فظهرت آراؤنا وأفكارنا الإصلاحية التي كانت مجهولة قبل ذلك .
* يلاحظ أنك تتعمد تقديم الحزب كبديل عن الإخوان في كل الفعاليات السياسية وليس كقوى أخرى معها وتحاول تدعيم ذلك بتبني نفس أسلوب الإخوان مثل الإخطارات السنوية للقوى والرموز الوطنية ، وتسعى لاكتساب المشروعية التاريخية باستضافة وتقريب رموز إخوانية قديمة كالشيخ القرضاوي وفريد عبد الخالق . . هل صحيح أنك ترى حزب الوسط بديلا عن الجماعة ؟ وهل ما زلت متوقفا عند الأسلوب والتكتيك الإخواني ؟
هذه حساسية غير موجودة لدينا ونحن نقدم أنفسنا كمشروع مغاير للإخوان ولكن ليس بالضرورة منافس وحيد له واعتمدنا أساليب جديدة وقمنا بأنشطة مختلفة لم يكن للإخوان بها صلة من قبل وأتصور أنه لن يكون مثل تنظيم حوارات بين أجيال الشباب والأجيال المختلفة في الحركة الإسلامية وإشراك الأقباط والمرأة في فعالياتنا والانفتاح على كل التيارات والأفكار لقد صرنا حالة مختلفة تماما عن الإخوان.
* أليس غريبا أن حرصك على مد جسور التواصل مع كل التيارات التي تختلف معها سياسيا وفكريا وربما عقائديا أكبر بكثير من حرصك على التواصل مع الإخوان والتيار الذي جئت منه ؟ وما تفسيرك لهذا الوضع الغريب والذي يبدو متعسفا ؟
- نحن كنا وما زلنا نحاول ونحرص على التواصل معهم ولكننا اصطدمنا مع موقف القيادة التي كانت تمنع أي عضو فيها من الاتصال بنا وتحقق مع من ستجيب لرغبتنا في التواصل لقد فرضوا علينا مقاطعة شاملة ولا أستطيع أن أجبر أحدا على التعامل معنا .
هل صحيح أنك كنت وراء حملة الاستقالات الواسعة التي شهدتها الجماعة بعد أزمة الوسط ؟
فعلا حصلت عملية استقالات بين كوادر اعترضت على أسلوب تعامل قيادة الجماعة معنا لكني والله ما دعوت أحدا إلى الاستقالة وترك الجماعة وما حدث أن البعض اكتشف صحة منطقنا وتبين له الظلم الذي وقع علينا فتضامن معنا أو احتج على ذلك بالاستقالة ولكن من دون تدخل مني .
* إذن هل يؤكد ذلك ما يشيعه بعض قادة الجماعة من أنك نصحت أنصارك بالبقاء داخل تنظيم الإخوان كجيب معارض وظهير للوسط ؟
- لا حول ولا قوة إلا بالله . . يا سيدي هذه مشكلة التنظيمات السرية التي يسكنها هاجس المؤامرات والخوف من الانشقاق وظهور أجنحة سرية في التنظيم الواحد وهم يتعاملون معنا بهذه الهواجس وهذا غير صحيح اللهم إلا بعض أشخاص لهم نفس أفكارنا الإصلاحية لكنهم يفضلون الاستمرار في التنظيم لإصلاح الجماعة من الداخل وقد تكون لنا بهم صلة ولكن ليس وفق هذا المنطق التآمري وأعتقد أن كل الشخصيات الإصلاحية أكثر احتراما من أن تنتهج هذا الأسلوب السري التآمري لأنه لا يستطيع أن يواجه استبداد القيادة وتسلطها إلا صاحب مبدأ .
* لكن هناك معلومات تؤكد وجود مجموعات لها نفس أفكار وتوجهات الوسط ومن نفس جيلكم وترفض أن تعلن ذلك أو تدخل في مواجهه مع قيادات الجماعة انتظارا للفرصة وحتى لا تستأصل كما حدث معكم ؟
- هذا صحيح وموجود فعلا . . وأنا أحترم منطقهم في فكرة الإصلاح من الداخل ولكن أختلف معهم.
* إذن ما طبيعة العلاقة التي تربط بينكم خاصة أن عددا منهم يتولى مواقع تنظيمية متقدمة في الجماعة ؟ وهل صحيح أن هناك تمرينا لانقلاب واسع على سطوة الحرس القديم ؟
- هناك علاقات إنسانية فقط ومعظم هؤلاء شخصيات لها ثقلها واحترامها داخل الجماعة وهم من الجرأة والشجاعة بأن يعلنوا مواقفهم ويدافعوا عنها لكن هناك قيادات استئصالية تريد تصفية هذا النوع من العلاقات لإكمال محاصرتنا وضرب مشروعنا وهي التي تشيع مثل هذه التفسيرات التآمرية وربما لضرب هذه الشخصيات داخل التنظيم أيضا .
* بم ترد على اتهامك بإفشاء أسرار تنظيم كنت أحد قياداته المؤتمنة عليه قبل انفصالك عنه وكان الأولى بك كتمانها حتى ولو اختلفت معه ؟!
- هذا كذب بواح وأتحدى أن يأتيني أحد بواقعة واحدة أفشيت فيها أسرار الإخوان بعد أن انفصلت عنهم وأنا لدي أرشيف كامل بكل ما قلته وصرحت به ليس فيه ما يدفع لإلصاق هذا الاتهام ، وأنا فعلا لا أكتم مواقفي وآرائي ولكنني لا أتحدث مطلقا عن معلومات وأسرار خاصة بالإخوان ، وسبق أن أنهيت حوارا مع صحفي أجنبي بسبب سؤاله عن بعض الأسرار التنظيمية للجماعة .
* وماذا عن المؤسسات الاقتصادية والعلمية ودور النشر التي كانت الجماعة قد سجلتها بأسمائهم بسبب عليها ثم رفضتم إعادتها لها بعد انفصالكم عنها رغم أنها في الأصل ملك الجماعة ؟
- هذا ليس صحيحا أيضا هذه مؤسساتنا الشخصية وممتلكاتنا ولم يكن للجماعة أي صلة بها في يوم من الأيام ولا يستطيع مسئول إخواني أن يقول ذلك صراحة وإلا فسيفتح على الجماعة النار . . ومن يقول ذلك منهم أضع إصبعي في عينيه !
* إذن ألم تستفد مجموعة الوسط ماديا من الجماعة ؟
- إطلاقا . . بل حدث العكس .
* ولماذا تحالفت مع منافسي الجماعة في انتخابات برلمان 2000 رغم أن الوضع الطبيعي كان التزام الحياد إن لم يكن دعم مرشحي الجماعة خاصة أن الوسط لم يشارك في هذه الانتخابات؟
هي واقعة وحيدة لا صلة لها بموقفي من الجماعة وحدثت حين رشحت الجماعة عضوا منها ضد شيخ النواب المستقلين الحاج فكرى الجزار في محافظة الغربية وهو أهم وأقوى نواب البرلمان المصري وعرف طوال تاريخه البرلماني الطويل بمواقفه الوطنية وكانت له صله قديمة بالحركة الإسلامية ومن أكثر من دافعوا عن جماعة الإخوان في البرلمان بشهادة المضابط الرسمية دون أن تكون له بهم علاقة تنظيمية لكن الإخوان تجاهلوا ذلك تماما ورشحوا ضده (على لبن) الذي فاز بالمقعد وهو رجل أحترمه وأقدره ولكنه أقل كفاءة من فكري الجزار ولا يصلح منافسا له وقد نصحت بعضا من قيادات الإخوان بتدارك ذلك الخطأ حتى لا يتنافس الإخوان مع رجل بقدر وقيمة فكري الجزار وحاول بعضهم التدخل لكنه فشل فلم يكن أمامي أنا وعدد من ممثلي القوى السياسية المختلفة إلى تلبية دعوة الجزار وتأييده في معركته الانتخابية وهذا موقف يشرفني وأتقرب به إلى الله رغم سقوط الرجل في المعركة ، ولا علاقة لذلك بموقفي من الإخوان وهذا موقف ثابت لي حتى حين كنت في قيادة الإخوان إذ سبق وأن رفضت التصويت لمرشح على القائمة الإخوانية في انتخابات نقابه المهندسين عام 1987 بسبب ما عرفته عنه من انحراف وفساد رغم أنني كنت على رأس القائمة الإخوانية فأنا أختار وأدعم الصالح سواء من الإخوان أو ضدهم . ثم لماذا لم يسأل الإخوان أنفسهم عن سبب وقوفي مع فكرى الجزار تحديدا دون بقية المرشحين في كل الدوائر الانتخابية الأخرى ؟؟!!