هل يعلنون وفاة التنظيم الدولي للإخوان؟( جريدة الاسبوع)
في دراسة تعد هي الأهم للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين أكد الباحث المصري حسام تمام انهيار التنظيم وتعرضه لضربات متتالية أدت إلي انحسار الدور الخارجي لجماعة الإخوان المسلمين وتمرد قيادات اخوانية غير مصرية وحصولها علي قدر كبير من الاستقلال عن المركز في القاهرة.. وقدم الباحث عددا من الاستدلالات علي انهيار أو ضعف التنظيم الذي كان يشكل وزارة خارجية للإخوان..
وقال تمام :إن مبادرة الاصلاح التي تقدمت بها الجماعة في نقابة الصحفيين هذا العام جاءت خالية من الرؤية العالمية التي كانت تحملها عندما كان التنظيم الدولي قويا والمبادرة لم تكن سوي نص البرنامج الانتخابي لمرشحيها في انتخابات 2000 وغابت عن المبادرة القضايا الخارجية خاصة قضيتي العراق وفلسطين وتضاءل الدور الخارجي للجماعة تدريجيا ولم يعد حاضرا إلا في تصريحات عامة لا تختلف فيها الجماعة عن أي قوي اسلامية أو حتي قومية تدعو إلي وحدة الصف ومقاومة الهيمنة الأمريكية والإجرام الصهيوني.
وكانت الأزمة العراقية الكويتية واندلاع حرب الخليج الثانية الأثر الأهم علي جسم وهيكل التنظيم الدولي، حيث دبت الخلافات الواسعة والعميقة بين أعضائه حول الموقف من الأزمة ومن الاستعانة بقوات أجنبية لتحرير الكويت وتصاعدت هذه الخلافات حتي بلغت ذروتها بإعلان تنظيم الكويت انفصاله عن الجماعة في أول انشقاق يطال التنظيم الدولي الذي بدا أن مسيرته كانت باتجاه معاكس للأحداث المتسارعة طوال عقد التسعينيات والتي تكاتفت جميعها لإضعاف تنظيم الإخوان في مصر، ومن ثم فقدت القيادة المؤسسة السيطرة علي تنظيم الخارج ويمكن القول إن التنظيم كان آخذا في الضعف مع شيخوخة قائده المؤسس مصطفي مشهور الذي كان قد جاوز الثمانين من عمره حين أدركته الوفاة في 17 فبراير .2002
كما أن مأمون الهضيبي الذي خلف مشهور لم يحتفظ بعلاقات جيدة مع أقطاب التنظيم الدولي وقيادته في الخارج التي اختلفت معه كثيرا في إدارة الجماعة منذ أن كان نائبا للمرشد ومتحدثا رسميا باسم الجماعة، فقد تعمد الهضيبي تهميش أي دور للقيادات الاخوانية خارج مصر وقطع أمامها كل مساحات الحركة ووصل الصدام ذروته بإصراره علي توحيد جهة الحديث باسم الجماعة وجعلها من اختصاصه فقط عندما كان نائبا للمرشد وألغي منصب المتحدث الرسمي للإخوان في الغرب والذي كان يشغله القطب الإخواني البارز وأحد مؤسسي التنظيم الدولي كمال الهلباوي المقيم في لندن.
ومن علامات انهيار التنظيم الدولي كما يؤكد حسام تمام تعيين أول نائب للمرشد من الخارج كنتاج للانقسام وكسر لحلقة توحيد الجماعة تحت قيادة واحدة سواء كانت في مصر أو خارجها وأمام ضغط اخوان الخارج تم تعيين حسن هويدي القطب السوري أول نائب للمرشد من خارج مصر.
ويشير تمام إلي أن المشروع الواقعي الذي قاده الهضيبي لطرح برنامج سياسي قد ينتهي بحزب سياسي إذا ما سمحت بذلك ظروف الاصلاح، كان في إطار مواجهته بل وصدامه مع فكرة التنظيم الدولي القائمة علي دولة عالمية عابرة للقارات يحكمها الإخوان المسلمون وتكون بديلا لسقوط الخلافة العثمانية كما أراد لجماعته المؤسس حسن البنا.
وقد حاول المرشد السابع مهدي عاكف الاستفادة من علاقاته الممتدة واحياء التنظيم الدولي ،وإن كان الباحث قد فرق بين القول والعمل عند المرشد الجديد، حيث تشير التصريحات في اتجاه الاهتمام بالقضايا الدولية ولكن بدون اتخاذ مواقف محددة كما حدث في قضية مشاركة إخوان العراق في مجلس الحكم الانتقالي فلم يقبل المرشد ولم يرفض وترك الساحة مفتوحة دون حسم يجسد وجود تنظيم دولي تحت إدارته.
ويقول الباحث ان احتمالات تصفية التنظيم الدولي أصبحت كبيرة عقب ضرب وتصفية مؤسسات التمويل الإخوانية في الخليج وتقلص مساحة الحركة السياسية والإعلامية لإخوان الخارج، خاصة بعد تراجع الدول الغربية عن سياسة إيواء الحركات الإسلامية في بلادها، فالتنظيم كان المورد الرئيسي لدعم الجماعة ماليا حتي بداية التسعينيات عبر تنظيمات الإخوان في الخليج وكان ذراعا إعلامية في أوربا والغرب، وهو ما تغير الآن تماما وجعل أشد المؤيدين له لا يقفون ضد تصفيته وهناك قناعة بين مؤسسيه وقيادات الجماعة الآن أنه ولد في التوقيت الخطأ، فقد تأسس عام 1982 علي يد مصطفي مشهور في ألمانيا عندما كانت التنظيمات العابرة للقارات تنهار في العالم خاصة إذا كانت معارضة وسرية ومطلوبة من قبل أنظمتها وأن الأفضل هو البحث عن صيغة أخري للتنظيم الدولي تكون أكثر قبولا واتساقا مع الواقع العالمي الجديد وقد طرح في هذا الشأن تحويل التنظيم الدولي مثلا إلي منتدي فكري أو سياسي بعيد تماما عن الطابع التنظيمي والسري، وهي فكرة لا تبتعد كثيرا عن المؤتمر القومي العربي الذي يضم القوي والأحزاب القومية أو منتدي الاشتراكية الدولية الذي يجمع الأحزاب الاشتراكية.
ويختتم الباحث رؤيته بأن التنظيم الذي ولد في 29 مايو 1982 سرعان ما دبت فيه الشيخوخة المبكرة فمات اكلينيكيا بعد 11 سبتمبر وينتظر إعلانا رسميا بالوفاة.. لا يجد أحد الجرأة علي توقيعه.
جريدة الأسبوع